كان قد قيل لنا أن جوهر النظرية الوظيفية  - إحدى نظريات العلاقات الدوليّة الداعية للتكامل والاندماج بين الدّول-  تكمن في الإيمان بأن هنالك ثمّة إمكانية كبيرة في قيام علاقات سليمة بين الدّول، تؤدّي إلى قيام حالة تكامل واندماج إذا ما توفّرت شروط موضوعية سليمة؛ فبعد قيام الحربين العالميّتين المدمّرتين جاءت أطروحة " ديفد متراني" متّسمة بالطبيعة العالمية التي نادت بضرورة قيام العمل الوظيفي المشترك كطريق أمثل للسّلام والنهوض بالإنسانية إلى حلول أخرى تنهى فيها النعرات القومية والشكل التقليدي للدولة القوميّة.

بينما تأثرت النظرية الوظيفية في ثوبها الجديد خاصة عند " إرنست هاس" بمحاولات التكامل و الاندماج التي حدثت في مناطق عديدة منها التجربة الأوروبية الغربية؛ كلّ ذلك أتى بعد أن أجمع هؤلاء المفكرين بأن الدولة القوميّة لم تعد قادرة على الوفاء بالتزامات شعبها واحتياجاته المتعدّدة؛ أي عدم قدرتها على العيش بمعزل عن الآخرين ماديّا وأمنيّا!

اليوم وبعد ما رأيناه من  صراع على المواد الطبية بين الدول الأوروبية، واتهامات لواشنطن بقرصنة كمامات ومواد طبية أخرى كانت متّجهة إلى فرنسا وكندا قادمة من الصين، وتعرّض إيطاليا إلى عملية سرقة من جارتها التشيك لمجموعة من الكمامات الطبية، كذلك نجد أنّ الشعب الإيطالي يتساءل عن فائدة الانتماء للاتحاد الأوروبي، كونه لم يتلقّ المساعدة الكافية منه، ويعبر عن استيائه بحرق علم الاتحاد الأوروبي  مردّدين مقولة " نحن سننقذ أنفسنا"، بينما نراه يرحب بالمساعدات الصينية والكوبية!

هل حقّا الاتحاد الأوروبي يعزز المصلحة الوطنية للدول؟ وهل الدول 27 قادرة على الاستمرار ضمن النظرية الوظيفية؟

هل حقّا قلب وعقل الإنسان قابلين للتطويع، وأن ميول كل مرحلة تتطلّب إرادة قويّة وصبراً لتعطي الإنسان بشائر التقدّم كما قال " ديفيد متراني"؟

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة