بعد أكثر من عامين مرّا على إنتخاب نواب المجلس الوطني التأسيسي ، شهدت خلالهما البلاد تحوّلات إقتصادية وإجتماعية وأمنية وفكرية وثقافية ، يمكن للسائل أن يسأل : 

هل لا يزال نواب التأسيسي يمثّلون الشعب التونسي فعلا ؟ 

بعد إغتيال بلعيد والبراهمي وبروز ظاهرة الإرهاب وبعد مقتل عسكريين وأمنيين وبعد معارك الشعانبي ، وبعد إتساع دوائر الفقر والبطالة والتضخم والغلاء ،وإستقالة حكومتين ، وظهور بوادر الحنين لبن علي ،وبعد أن ساءت علاقاتنا مغ أغلب الأشقاء العرب ،وبعد أن عرفت البلاد خطب التكفير والتخوين والتقزيم والإقصاء ،وبعد تبدّل المزاج الشعبي ، وبعد أن ظهرت قوى سياسية جديدة ، وتراجعت أخرى ، وبعد أن  إنكشف الكثير من الحقائق والنوايا والخفايا : هل لا يزال نواب التأسيسي يمثّلون فعلا الشعب التونسي ؟ 

هل لا تزال حركة « النهضة » الأولى ، والتكتّل ثانيا ،وتيار العريضة الشعبية ثالثا ، وحزب المؤتمر رابعا ؟ 

هل لا تزال جماعة الصفر فاصل ، هي ذاتها تعوم في بحر الصفر فاصل ؟ وهل لا تزال الأغلبية هي الأغلبية ؟ 

وهل يحق لهؤلاء النواب ، مع الإحترام لهم جميعا ، أن يتحدثوا بإسم الشعب التونسي في الجنوب والشمال والغرب والشرق والمدن والقرى والأرياف ؟ هل يحق لهم الحديث بإسم الكبار والصغار والرجال والنساء والفقراء والأغنياء والمسيّسين وغير المسيّسين ؟ 

والرئيس المرزوقي الذي وصل لحكم البلاد بسبعة الاف صوت وبتحالف تكتيكي مع النهضة : هل لا يزال شرعيا فعلا بعد أن أطاحت السياسة برئيسي حكومتين حظيا بأصوات أكثر من التي حصل عليها بكثير، هما حمادي الجبالي وعلي العريض ؟ 

وحركة النهضة التي وصلت الى الحكم بأقل من 20 بالمائة من أصوات المؤهلين للإنتخاب ، هل لا تزال ترى في مليون و500 آلف صوت من جملة 12 مليون تونسي هم تعداد الشعب ، عددا كافيا لتواصل الحديث عن شرعيتها ، وهي تدرك أن جزءا مهما ممن إنتخبوها قبل أكثر من عامين عبّروا عن ندمهم ، وأكدوا أنهم كان من المغرّر بهم 

وحزب التكّتّل الذي لم يعد تكتّلا بعد أن فقد أغلب أنصاره ،وأنشق عنه الكثير من قياداته ،ولم يعد له حضور مؤثر في الشارع : هل لا يزال يعتقد أنه جدير بالحديث عن تمثيليته للشعب ؟ 

والهاشمي الحامدي ، هل لا يزال صاحب المرتبة الثالثة من حيث عدد النواب والمرتبة الثانية من حيث الأصوات حتى يتحدث بإسم الشعب ، وكأنه الوصي على التونسيين ؟ 

هل الحبيب اللوز والصادق شورو يمثّلان الإسلام في المجلس التأسيسي بتفويض شعبي لا يزال ساريا ؟ وهل الليبيراليون والديمقراطيون الجالسون  في المجلس هم فعلا المعبّرون عن المزاج الشعبي الحالي ؟ 

وهل النائب الذي يتهمونه بأنه تجمعي لا يزال مستضعفا فعلا في ظل التحولات الجديدة التي عرفتها البلاد خلال العامين الماضيين ؟ وهل أن البورقيبي الذي يفاخر ببورقيبيته لايزال عرضة للتحقير من شأنه ودوره وحظوظه ؟ 

هل لايزال حزب المؤتمر حزب حقوقيين ؟ 

،هل لا تزال حركة النهضة حركة إسلاميين ؟ 

وهل لايزال حزب التكتّل حزب علمانيين ؟ 

وهل لا يزال حزب المبادرة حزب أزلام وفلول ؟ 

وهل لا يزال الهاشمي الحامدي يقنع الفقراء والمساكين وأبناء القبائل  وسكان الإياف والأحياء المهمشة ؟ 

وهل لا يزال اليسار معاديا للإسلام كما كانوا يصورونه ؟ 

وهل لا يزال حمة الهمامي شيوعيا ؟ 

وهل لا يزال الباجي قائد السبسي مهددا بقانون العزل السياسي الذي تمت الإطاحة به ؟ 

وهل لايزال راشد الغنوشي مقتنعا بأن « نداء تونس » أخطر من السلفيين الجهاديين ؟ وبأن السلفية الجهادية تبشّر بثقافة جديدة كما كان يقول ؟ 

أعتقد أن الكثير قد تغيّر في تونس خلال عامين ، إلّا المجلس التأسيسي لا يزال بالوجوه ذاتها ، وبالأغلبية ذاتها ، وبالأقلية ذاتها ، 

فكيف إذن ينجز هذا المجلس مصير الأجيال القادمة من خلال مشروع الدستور ، في حين أن أغلب نوابه فقدوا شرعيتهم في الشارع ؟ 

ولن أقول طبعا  أن المجلس كله فقد الشرعية يوم إنقلب على شرط الحد الأقصى لمهمته والذي كان عاما ثم تجاوز العامين .