وطن كل يوم يستيقظ على فاجعة جديدة، من فاجعة الاعلامية حنان البرعصي التي نطقت بما في داخل كل مواطن ليبي إلى فاجعة عائلة بريون التي هزت ليبيا من أقصاها لأقصاها 

هزت  فاجعة وفاة عائلة المواطن فائق بريون المجتمع الليبي رغم أن ردود الفعل اقتصرت على مواقع التواصل الاجتماعي فقط ، ولكن شكلت هذه الواقعة المؤلمة أول حادث من نوعه منذ دخول فصل الشتاء ومآسيه التي ترافق انقطاع الكهرباء أو سوء استخدام التدفئة  .

وقد فارق المواطن الشاب فائق بريون الحياة وهو مواطن بسيط يعمل كحلاق ،  رفقة زوجته الشابة إلهام بن لامة و 7 من أطفالهم الحياة في المنزل بمنطقة عين زارة إذ عثر عليهم جثثًا هامدة بعد انقطاع الاتصال بهم ليوم كامل وقد شيعت جثامينهم اليوم في مقبرة سيدي حسين جنوب أبوسليم  .

واضافة للأب والأم فقد توفي الأبناء وهم ” أيوب وأنس وأحمد وأمير وأويس وريان ورزان ” وتتراوح أعمارهم ما بين 9 سنوات إلى سنة واحدة وقد أكد شقيق الوالدة ان سبب الوفاة هو اختناق بغاز أول أكسيد الكربون المنبعث من مولد كهربائي منزلي بسبب انقطاع الكهرباء في الشبكة العامة ، الذي تعاني منه ليبيا منذ سنين بسبب الحروب التي قضت على أغلب محطات توليد الطاقة الكهربائية في المنطقة الغربية و الجنوبية، مما اضطر إدارة الشركة للجوء لطرح الأحمال و لكن دون جدوى ، و خصوصا مع كثرة  العصابات و المليشيات الجهوية و المناطقية التي تتعدى على محطات الكهرباء لإيقاف طرح الاحمال، الأمر الذي يحمل المحطات أكثر من إنتاجها فيسبب عملية إظلام تام للشبكة الكهربائية في كل عموم، فهذا التعدي لا يقتصر على منطقة واحدة أو جهة واحدة، بل في أغلب محطات الشركة العامة للكهرباء من غرب البلاد إلى شرقها إلى جنوبها . زد على ذلك الفساد الاداري و المالي من بعض اللامسؤولين الذين يتصدرون المناصب السيادية للدولة الليبية .

الأمر الذي جعل المواطنين يلجؤون للمولدات الكهربائية التي يستوردها التجار و يشرف على استيرادها مسؤولين في كلا الحكومتين من الغرب و الشرق، وخصوصا في فصل الشتاء البارد. 

فائق البريون مثله مثل الآلاف من الليبيين، فقد اشترى مولد ليشعل النور لأطفاله و عائلته ، هذا النور الذي يفقده أغلب المواطنين الليبيين لعدم وجود القدرة المالية لشراء المولد. بريون لم يكن يدري بأنه اشترى الموت له و لعائلته كاملة. الموت الذي أصبح عند بعض المواطنين أفضل من هذه الحياة، الموت الذي يقول مت أيها المواطن البسيط لكي يعيش المسؤول و الغني. 

موت يخيم على البلاد منذ تسعة سنوات عجاف ، فليس هناك مصطلحات يتداولها المواطن إلا المصطلحات السوداوية المحزنة الكئيبة ( موت ، حرب، جوع، انقطاع الماء، انقطاع الكهرباء ،بلاك آوت، تقسيم البلاد، تهجير، مهجرين، مسجونين، سجون، مليشيات، متمردين، جريمة منظمة، فوق القانون، دولة بلا قانون، دولة بلا دولة، مآسي و مجازر، إغتيال، قتل، ترويع، ترهيب، إختطاف، موات) 

هذه المصطلحات غطت على كل ماهو جميل في وطني، ضاع الوطن و سيضيع معه حلم الشباب الذي كبلته القيود و حولت حياته إلى موات بلا موت. 

أصبح الوطن يعيش على الفجائع و المآسي و الهموم، و أذناب الغرب يستحلونه و يغتصبونه بقوة المستعمر المحتل. 

أما حان لهؤلاء أن يشبعوا غرائزهم و يرحلوا عن هذا الوطن، أما حان لهؤلاء أن يتركوا الأمانة لأهلها، أما حان لهؤلاء أن يغربوا عن وطننا، فليأخدوا كل الأموال التي نهبوها من خزينة و يتركوا لنا الوطن لنضمد جراحه و يضمد جراحنا. 

رحل فائق بريون و حنان البرعصي ، و قبلهم كثيرون ذهبوا و تركوا لكم كل شيء ، ليقولوا لكم ،، غادرناكم يا أهل الأرض الظالمين ، و رحلنا إلى مالك الملك،  ناصر المظلومين، الحي الذي لا يظلم عنده أحد، غادرناكم لنقدم شكوانا لله العزيز الجبار.  

الآراء المنشورة ملزمة للكاتب و لا تعبر عن سياسة البوابة